أوساكا
اليوم جلسة عمل في مركز الدراسات الشرقية. للوصول إلى المركز وجب الخروج من بيت الضيافة قبل ساعة ونصف للوصول في تمام الساعة الثامنة. وخوفاً من أن أصل متأخراً فتثبت علي صفة تلازم إخواننا العرب أي الوصول متأخرين بسبب أو من دون سبب، قررت الخروج قبل ساعتين ونصف. وحسناً فعلت فقد ركبت قطاراً «محلياً» (Local) من دون انتباه، الى أي قطار يتوقف عند كل محطة. الغرفة صغيرة وقد اصطفت الطاولات بشكل دائري، وجلس حولها ٩ أشخاص بين طلبة وأساتذة. الموضوع كان «تلقي يابان عصر ميجي لأول ترجمة لألف ليلة وليلة» على يد «ناغامينه هيديكي» عام ١٨٧٢. العدد صغير ولكن تبادل الأفكار كان مفيداً.
بعد الظهر أي في تمام الساعة السادسة. دُعيت لـ«العشاء». العشاء يكون باكراً لسبب بسيط: الجميع يسكن في الضواحي ما يعني حوالي الساعتين للوصول إلى المنازل. عندما دخلنا أحياء منطقة «أوميدا» إلى «الأسواق تحت الأرض» وهي شوارع/أروقة للمشاة على طرفيها محلات ومطاعم وكأنها مدينة ثانية تمتد تحت الأرض لكيلومترات متشعبة، أوصلت لرفاقي القول العربي «شرط المرافقة الموافقة». وتركت لهم حرية اختيار المطعم لأني كنت مأخوذاً بالألوان التي تزين الحلويات في واجهات المحلات. منذ ولجت دراسة الحضارة اليابانية تعلمت أن الياباني يحب البساطة في الألوان وفي التنسيق والديكور، حتى أن أحد كبار الكتاب عنيت تانيزاكي، له قول شهير: «الجمال موجود في الفراغ».
ويندرج هذا أيضاً على الألوان. الياباني بطبعه يحب الألوان الخافتة ويبتعد عن الألوان الفاقعة. نلاحظ ذلك في المنزل الياباني وكذلك في الهندام الياباني. ولكن منذ سنوات قليلة اقتحمت الألوان الحلويات. هذه الصور تصف الألوان الفاقعة التي «يتحلى» بها الياباني، والتي يبدو أنها تقريباً آتية من الغرب وهي مشتقة من «الجيالتي» الإيطالية أو «الماكارون» الفرنسي أو البوظة الأميركية و«الجيلو» أو البودينغ البريطاني. إنها العولمة على الطريقة اليابانية: «نأخذ من الغرب ونطوّر ونحوّر ليتلائم مع ذوقنا»… «نحن اليابانيون نتكلم”.