ات تعبير «ديموقراطية» مادة تعامل واستعمال في المجالات كافة وعلى مستوى الصعد، بشكل كاد ينسى العديدون معناه الأول والصحيح وطرق وصف حالات بأنها ديموقراطية.
الديموقراطية تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه، لكن كثيراً ما تتداخل التفسيرات لتربط الديموقراطية بالأنظمة الليبرالية في الغرب. الديموقراطية ليست شكلاً من أشكال الحكم السياسي، ولكنها مبدأ قائم بحد ذاته إن طبق يقود إلى حكم يعتمد على التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة بشكل يؤكد على حماية حقوق الأفراد والأقليات.
هل نرى في «فضاءات» عربية، تتحدث عن الديموقراطية، أشكالاً مشابهة لهذا الوصف؟ علينا قبل الإجابة على هذا السؤال التمييز بين الشعوب والحكام، عندها نرى أن الذين نزلوا إلى الشوارع في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين واليمن وعدد من الدول أيضاً، كانوا يبغون الوصول إلى هذا التفسير للديموقراطية «أي حكم الشعب للشعب».
كممت الأصوات وميعت المطالب وعادت فوضى الاستعمال «العشوائي» لكلمة ديموقراطية إلى حيز التعامل مع الشعوب. وقد يفسر ذلك عودة التظاهرات في الدول التي أسقطت الدكتاتوريات وعودة الاستعمال المكثف لأيام «الجمعة»، والتضخم في إعطائها توصيفات من «جمعة الغضب» إلى «جمعة حماية الثورة»، مروراً بعدد لا يستهان به من التوصيفات.
الغرب، حيث يمكن الحديث «عن وجود نوع من الديموقراطية» المكسوة بليبرالية وحشية تسحق شعوبها والأزمات المالية أفضل مثال عليها، يستعمل بكثافة تعبير الديموقراطية في خوض معركة الربيع العربي. نود أن نسأل هذا الغرب أين يرى الديموقراطية بين حلفائه الذين يتكئ عليهم لمحاولة الوصول إلى الديموقراطية؟
وحدها الجماهير التي تقع تحت الرصاص في الشوارع والساحات يمكنها أن تتكلم عن ديموقراطية، أما الجالسون في القصور والمتنقلون في المؤتمرات، فهم يسعون لتقليد ديموقراطية تستوعب الثورات العربية وقد نجحوا في امتصاص الربيع العربي، حيناً عبر «مفاوضات ووعود بانتخابات لا تأتي»، وحيناً آخر باستدعاء آلة الحرب الغربية لتدمر الموجود وتؤهب لصفقات مقبلة مع حكام جدد لسان حالهم «في فمي ديموقراطية وهل يطبق المبادئ من في فيه ديموقراطية؟».