غياب الحدث هو الحدث ! ما الحدث اليوم في اليابان؟ الحدث هو كل شيء ما عدا أخبار «داعش». تلفزيونات العالم مشغولة بـ«الدولة الإسلامية» والحرب التي أطلقها باراك حسين أوباما على هذا التنظيم الذي يحتل مساحات شاسعة من المنطقة العربية، والذي تتتابع إعلانات مبايعته من المغرب العربي إلى شرقه مروراً بأفريقيا ووصولاً إلى آسيا، مع ذلك يتجاهل الأرخبيل الياباني هذه «الظاهرة» كما يقول كل من حدثني أو حدثته بالأمر. كنت أظن أن إعلان أحد كبار المستشرقين «ناكادا كو» الذي اعتنق الإسلام باسم «حسن ناكادا»، إعلانه «مبايعة الخليفة البغدادي» وظهوره في بعض أشرطة يوتيوب يمكن أن «يحرك» الرأي العام الياباني. ولكن لا شيء من هذا «نفخ» اهتمام اليابان بمتابعة قصص داعش وأحوال المنطقة. أعرف أن ناكادا قد ألف العديد من الكتب وأشهرها كتاب حمل عنوان «منطق بن لادن»، فقلت في نفسي أتوجه إلى أكبر مكتبة في أوساكا المعروفة بـ «كونيكونيا» في محطة «أوميدا» شمال المدينة لأرى ما إذا كانت كتبه «ما زالت معروضة». وكم كان عجبي كبير عندما وجدت كتابه الذي حمل عنوان «منطق الإسلام» في «واجهة الكتب الأكثر مبيعاً» وكذلك وجدت كتاب «تفسير معاني القرآن» لنفس الكاتب. أما الكتب الأخرى وخصوصاً كتاب «منطق بن لادن» فقد تبين بعد البحث في كومبيوتر المخزن أنه مفقود «وغير معروف تاريخ إعادة طبعه» حسب قول أحد البائعين في المكتبة. سألت محيط المستعربين من أساتذة وطلبة عنه فكان «الضحك أول ما يبدر منهم» قبل أن يجمعوا على أنه «انحرف منذ مدة طويلة» وزاد أحدهم «منذ عودته من المملكة العربية السعودية» حيث عمل في سفارة بلاده. وبعد البحث والتدقيق تبين لي أنه بالفعل عمل في السفارة في الرياض سنة ١٩٩٦ لمدة ثلاث سنوات قبل أن يعود ليتبوء منصب استاذ مساعد في جامعة «ياماغوتشي»، ثم انتقل إلى جامعة «دوشيشا» في كلية الدراسات الدينية ليستلم منصب استاذ (بروفسور). ولكن بعد عشر سنوات وبالتحديد عام ٢٠١١ استقال فجأة من هذا المنصب المرموق و… اختفى. ولكن عندم عاد للظهور قال إنه «يعيش حياة داعية للإسلام». وقد تذكر أحد الذين عايشوه في فضاء التعليم العالي أنه شارك مرة في ندوة في العاصمة الأندونيسية جاكرتا كان عنوانها … «نظام الخلافة». وشريط الندوة «آلدولية» موجود على يوتيوب (ولكن لم أجده، إذ يبدو أنه تم سحبه، ولكن ما زالت بعض المواقع الإسلامية تبثه ويجب متابعتها لمعرفة عناوينها إذ بات نظام غوغل يمنع بعضها من الوصول إلى محركات البحث). وقال محدثي في الفيديووهوشخص يوثق به وشاهده إن هناك العديد من الشخصيات العربية وخصوصاً السورية بين المشاركين. لم استطع أن أجد هذا الفيديو حول «انظام الخلافة» ولكني وجدت فيديو لمحاضرة ألقاها ناكادا حول هذا الموضوع. وخلال بحثي تبين لي أن العديد من قنوات الإعلام والمواقع الإخبارية تناولت مسألة ناكادا وما آل إليه خصوصاً بعد أن أعلن مبايعته لتنظيم داعش وهجر الأرخبيل. ولكن من الملاحظ أيضاً أن هذا الموضوع لا يجذب العديد من المشاهدين يكفي إلقاء نظرة على عدد مشاهدات يوتيوب حول هذا الموضوع. إن دل هذا على شيء هو أن مشاكل العرب والإسلام ما زالت بعيدة عن اهتمام الرأي العام الياباني وبشكل ما عن اهتمام المسؤولين، ويذكر هذا بما ردده مسؤول أمامي عام ١٩٩١ بعد أن غزا صدام حسين العراق وذلك رداً على سؤال حول استمرارية وصول النفط فقال: «من يضع يده على النفط لن يشربه بل عليه أن يبيعه ونحن نشتري نفطنا أيا كان البائع».