قيل إن أحد وزراء لبنان كان يعجل بإنهاء مجلس الوزراء الاسبوعي للعودة إلى فايسبوك وأن أحد زملائه قال له يوماً يدعوه للصبر «على رواق لاحق تروح على فايسبوك»!
لا يمكن القول إن مواقع التواصل الاجتماعي ليست مفيدة في عصر الرقمية، وخصوصاً «موقع الـ ٤٠٠ مليون مشترك»، أي فايسبوك. ولكن في كل ظاهرة تحمل «بعض الإدمان» علينا النظر ملياً إلى ما وراء هذه ظاهرة، وبالطبع دون الوقوع في ما أسمته مارغريت دورا «علم نفس الدكاكين» (Psychologie de drugstore) في وصفها لمن يتنطح عالماً نفسياً في تفسير كل لفتة وكل حركة.
إلا أن علماء النفس المتخصصين انكبوا على ظاهرة فايسبوك ورأوا فيها بعض ندوب نفسية تُلَولِب انغماس المدمنين في هذا العالم. سيرج تيسيرون، استاذ علم النفس، يقول إن أهم الرغبات المكبوتة وغير المعلنة عند زوار فايسبوك هي «أن لا ينساهم الآخرون». توماس غاون، طبيب نفسي تخصص في معالجة «الإدمان الرقمي»، يقول «إن عامل الإدمان يبرز عندما نطلب من الخارج أن يملأ فراغاً داخلياً». ويضيف «عندما لا يعود استعمال فايسبوك عاملاً من عوامل تقدير الذات وتثمينها، بل العامل الوحيد الذي يسمح بذلك عندها يكون استهلاك المزيد من فايسبوك مضراً». ويأتي الضرر من أن إشباع التقدير الذات يأتي عبر هذا الإدمان.
ولكن ما لنا ولعلم النفس. لنعد للأخبار ولتناقلها عبر صفحات التواصل الاجتماعية. أهمية هذه الصفحات هي نشر الأفكار بين مجموعات متجانسة من حيث المبدأ. يقرأ أحد أفراد هذه المجموعة تحليلاً أو يسمع خبراً ينقله إلى المجموعة لأنها تحمل نفس إطار الاهتمامات. سرعة التواصل بين المجموعة مفيدة جداً وتسمح هنا للمعلومة بأن تصبح «عامة» بين أفراد المجموعة عندما تتردد مرات ومرات مع إضافات توسع من معناها الأول.
ليس بالضرورة أن تكون المعلومة «علمية أو خبرية سياسية» يمكن أن تكون اجتماعية وخاصة أيضاً مثل إعلام أفراد العائلة (في حال شكلوا مجموعة) عن ولادة طفل، مع وضع صورة المولود، عندها تلعب صفحة فايسبوك دورها الاجتماعي عن حق.
في حال إنشاء صفحة «سياسية» يكون دور هذه الصفحة إعلام أفراد المجموعة بحدث سياسية لنشره بين المهتمين بالحدث، والمثال الأبرز هو الدور الذي لعبته صفحات فايسبوك في خضم الربيع العربي.
كل هذا جيد. ولكن:
تناهى لي حديث أحد المشاركين في مؤتمر دولي مع أحد معارفة وهو يتباهى بأن لديه مليون وثلاث مئة ألف “معجب على فايسبوك». سؤالي ما هي الأخبار (العائلية الاجتماعية أو السياسية أو حتى العلمية) المشتركة بين هؤلاء؟
مبدأ «التشعب المتشجر» الذي بني عليه مبدأ التعارف على فايسبوك والذي على أساسه يعرض على المشارك أسماء وصور من «يمكن أن يكونوا أصدقاء» يقود إلى زيادة عدد «عمليات التعارف» بشكل «متوالية هندسية» فكل ربط بين صديق وآخر يفتح أبواب ربط مع الصديقين مع كل أصدقائهما وهلم جرا. بالطبع جميل «الانفتاح على عالم أصدقاء الغير»، يضع الصديق صوره ليراها أصدقاؤه وأصدقاء أصدقائه وأصدقاء هؤلاء (من حيث المبدأ). يكتب كلمة هنا ويعلق هنا أو يرفع إبهامه هنا ويزيد مرتين بكتابة على الحائط هناك.
كل هذا جيد. ولكن:
آخر إحصائيات تقول إن ٩٨ في المئة من التعليقات لا تُقرأ. وأن ٧٢ في المئة من الصور لا يلقي عليها نظرة إلا أصدقاء من «الحلقة الأولى» من أصدقاء من نصبها على فايسبوك وأنه في ٩٢ في المئة من الحالات فإن مناسبات الإلتقاء مع هؤلاء الأصدقاء هي شبه يومية.
الخبر المزعج في هذه الإحصائيات هي أن معدل مرور «المدمن الأوروبي على فايسبوك» يتراجع مع ارتفاع معدل… مطالعة الكتب. في أوروبا وأميركا تتراوح مدة البقاء عى مواقع التواصل الاجتماعي ما بين ٦ ساعات و٥٢ دقيقة شهريا بينما في اليابان هي بمعدل ساعتين و٤ دقائق شهرياً.
السؤال الجديد اليوم: قل كم ساعة تقضي على فايسبوك أقول لك …
أخباربووم