بسّام الطيارة
تقرغ طبول الحرب في جنوب آسيا ويتنافس كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في شحن أجواء الخوف والترقب من صدام يفجر منطقة تدير ٥٦ في المئة من اقتصاد العالم. مجنونان التقيا ويتبارزا عبر تصريحات نارية وتهديدات متبادلة، الكوري يتعهد بتدمير الولايات المتحدة «من دون رحمة»، وهو بالطبع يقصد القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة: في كوريا الجنوبية واليابان وتايوان، في حين أن ترامب الأميركي يتعهد بـ« التعامل مع الأزمة المتعلقة بكوريا الشمالية من دون الصين، إذا اقتضت الضرورة، وهو أمر ملائم أيضاً»، ويبرر ذلك بأن هذا البلد «يسعى للمشاكل». وأردف تصريحاته بإرسال مجموعة قتالية على رأسها حاملة طائرات أميركية وذلك قبل يومين من احتفال كوريا الشمالية بالذكرى الخامسة بعد المئة لميلاد مؤسس الدولة كيم إيل سونغ، أكبر عيد وطني في البلاد.
التوقيت خطر إذ أن الأعياد في كوريا الشمالية هي مناسبة لتحدي «العالم» واختبار أسلحة متطورة (بمعنى تحدي أميركا)، ويدور الحديث عن استعداد بيونغ يانغ لتنفيذ اختبارها النووي السادس. التوقيت خطر أيضاً لأن واشنطن تجري مناورات حية مع قوات كوريا الجنوبية تحت عنوان «ضرب المنشآت النووية الشمالية وقطع رأس النظام».
إذا الافتراضات مفتوحة على كل الاحتمالات. وقد أوضح ترامب أن تجرك الولايات المتحدة لن يكون منفرداً بل «يعني التحرك بمساعدة دول كثيرة» أي تفاوضياً الصين وحربياً كوريا الجنوبية واليابان.
في هذا المجال اعتبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن القوة العسكرية «لا يمكن أن تحل الوضع في شبه الجزيرة الكورية»،واقتراح تهدئة الوضع عبر «تعليق مزدوج» للاختبارات النووية لكوريا الشمالية والتدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. ساول وطوكيو أيضاً دعتا إلى تهدئة الوضع وضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات.
السؤال هو ما هي أهداف المفاوضات إذا حصلت ؟
واشنطن تريد نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، وبيونغ يانغ هدفها المحافظة على النظام. ومن هنا تبدو صعوبة الوصول إلى حل.
بيونغ يانغ قالت مراراً بأنها لا تثق بوعود المجتمع الدولي وقدرته على ردع أميركا في حال نزعت أسلحتها وهي أعطت مثالين: ليبيا والعراق، وشددت على أن واشنطن لا تأبه للقوانين الدولية. وفي الأسبوع الماضي كانت الضربة الموجهة إلى سوريا تذكر في كل تصريح رسمي للكوريين الشماليين، لتدل على أن أميركا يمكنها أن تتصرف من دون أي رادع.
وقد هزأ الناطق باسم «معهد نزع الأسلحة والسلام» التابع لوزارة الخارجية في كوريا الشمالية من افتتاحية «غلوبال تايمز» المقربة من سلطات بكين الحليف الأوحد لبلاده والتي كتبت أن «أفضل خيار أمام كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون هو التخلي عن البرنامج النووي»، مضيفة : «بمجرد أن تمتثل كوريا الشمالية لنصيحة الصين في إيقاف النشاطات النووية، سنبذل قصارى جهدنا لحماية أمن شعبها ونظامها». وأشار للمراسلين الغربيين المتواجدين بعدد كبير في العاصمة إلى أن «التقصير في حال بذل قصارى الجهود لن يصيب الصين بل سيدمر بلادنا».
إن عدم انتظار نتائج التحقيقات في القصف الكيميائي على خان شيخون سمح للعديد من الجهات بالتشكيك بحقيقة من يقف وراء هذه الجريمة وجاء أمر القصف المسبق لأي تحقيق لينتقص من مصداقية المؤسسات الدولية.
متى تفهم واشنطن أن احترام القوانين الدولية يحمي العالم بما فيه أميركا من جنون الحروب.