أسف وحزن عند إقفال أي وسيلة إعلامية…وتحية للزملاء الذين حملوا السفير بواسطة أقلامهم… وجعلوا منها ما هي حتى منتصف هذا الليل الأخير من هذا العام.
إلى القراء: ماذا أنتم فاعلون بعد غد…؟
الثورة الرقمية لها دور في إفلاس الصحف ولكن توجد أسباب أخرى غياب «الجدوى الاقتصادية» لدى معظم الصحف إن لم نقل كلها …الجدوى الاقتصادية تعني الاستقلال وحرية الرأي. وهذا كان غائباً عن معظم الصحف رغم أن بعضها ترك «نوافذ» بسيطة لأقلام حرة. وللقارئ (خصوصاً القارى العربي) دور في إضعاف الوسائل الإعلامية ودفعها نحو أحضان «التمويل السياسي».
قبل الثورة الرقمية كان شراء الصحف قليل عددياً، لم يدرك القارئ مهمة الصحافة ودورها كرادع للتسلط وحارس للحقوق. لو فعل ودفع ثمن صحيفة يومياً بحيث يكون ما يتكلفه سنويا أقل ما يخسره في عالم «الزبائنية السياسية».
عندما جائت الثورة الرقمية تنفس القارئ العربي الصعداء فالأخبار والمعلومات باتت «ببلاش» مجانية فغرف منها دون أن يلتفت إلى الفارق بين الخبر المنقول عن المنقول عن المنقول والذي يصبه تحريف بعد كل نقلة من موقع إلى موقع آخر… ضاعت ركائز الإعلام والفن الصحفي وبات كل قارئ يعتبر نفسه «منبراً إعلامياً» بمجرد قراءة «خبراً يلائم أهواءه» فينقله وينشره ويزيد من اضطراب الصورة الإخبارية (في العالم العربي اليوم وفي لبنان صورتان واللبيب من الإشارة يفهم).
لم يعد القارئ يلتفت إلا إلى صورة المواقع التي تدلس جلدة مواقفه كما يحلو له .
وإذا بالصحافة والوسائل الإعلامية خصوصاً الورقية عوضاً عن الثبات بمهنتها أي «الخبر+ تحليل+ انفتاح على الآخر» انصاعت وراء «الطريق السهل» فلحقت بسياسة المواقع الفردية ورقياً وحتى عبر مواقعها الرسمية فاصطفت مثلها مثل القراء في شق من الشقين (واللبيب من الإشرارة يفهم). فهجرها قراء الشق المواجه للشق الذي استندت إليه.
لم يعد القارئ يرى الفرق بين «صحيفة موزونة» وموقع إخباري فردي … والأنكى من ذلك بات كل قارئ لا يرى أي «منفعة إخبارية» من الصحيفة الورقية ولا من موقعها
حصل هذا مع بداية «الربيع العربي» أي قبل ٦ سنوات تقريباً … زاد خلال هذه الفترة تباعد الشقين، وزاد معها تدحرج الصحف والوسائل كل نحو وادي الشق الذي اختاره.